للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يشع فيها، ودون أن يكون هناك زمان ينتقل فيه النور من مكان إلى مكان فيها..

وإذا علمنا أن الوجود- كما أثبت العلم- مصور على هيئة كروية، كان لنا أن نرى هذا الوجود ممثلا فى تلك المشكاة البلورية، المعلقة فى الفضاء يضيئها مصباح فى زجاجة كأنها كوكب درىّ، يوقد من زيت شجرة زيتونة مباركة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار! .. وأقرب صورة للوجود، والنور المنبعث فى كيانه، هو القنديل المعلق فى بيت من بيوت الله، ينبعث منه النور فى ظلمات ليل بهيم.

ومن بعد هذا كله، أو قبل هذا كله، ينبغى أن نفرق بين نور ونور..

نور الله، وهذا النور الذي نصطنعه.. فهذا النور الذي نحصل عليه من الطبيعة، هو ظلام بالإضافة إلى النور الإلهى.. الذي لا يعرف كنهه، ولا يدرك سره، وإن استضاءت به البصائر واستنارت به القلوب.. فهذا مثل، لا يقوم منه تماثل بينه وبين الحقيقة المشار إليه بها.. «وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ..

وفى قوله تعالى: «يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ» - إشارة إلى أن نور الله الذي يملأ الوجود، هو نفحة من النور العلوي، وأن هذه النفحة، موجودة فى كل موجود.. ومع هذا فإن الله سبحانه وتعالى ألطافا بعباده، فيصل نورهم بنوره، ويفتح لهم بهذا النور طريقا إلى عالم الحق، والخير:

«يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ» .

فالوجود كله، وإن كان نورا من نور الله، بالإفاضة والخلق، فإن هناك نور الهداية، الذي يضىء البصائر، ويشرح الصدور، وهذا النور يدعو الله إليه من شاء من خلقه، ليكونوا فى ضيافة هذا النور القدسي؟ وليكونوا

<<  <  ج: ص:  >  >>