فى هذه الآية، والآيات التي بعدها، استعراض لقدرة الله، وبسطة نفوذه، وسلطانه المتمكن فى هذا الوجود، والآخذ بناصية كلّ موجود.. وذلك بعد أن عرضت الآيات السابقة مثلا لنور الله سبحانه وتعالى، الذي يملأ الوجود كله، ويسرى فى كيان كل ذرة فيه، ويقيمها المقام المناسب لها فى ملكوت السموات والأرض.. وأن هذا النور قد اهتدى به المهتدون، فأسعدهم الله وأرضاهم، وأنزلهم منازل السعادة والنعيم، على حين قد عمى عن هذا النور، الضالون، والمشركون، والكافرون، فأذاقهم الله الوبال والخسران، وأنزلهم منازل الهون والشقاء..
وفى هذا العرض الذي تعرض فيه هذه الآية والآيات التي بعدها، مالله سبحانه وتعالى من قدرة وسلطان- فى هذا العرض تثبيت لإيمان المؤمنين، وربط على قلوبهم، وتوثيق للصلة التي أقامها الإيمان بينهم وبين ربّهم.. ومن جهة أخرى، فإن فى هذا العرض دعوة مجدّدة إلى الكافرين، والمشركين، والمنافقين ومن فى قلوبهم مرض- أن يعيدوا النظر فى موقفهم هذا الزائغ المنحرف عن سواء السبيل، وأن ينظروا فى هذه المعارض التي تعرضها تلك الآيات لجلال الله، وقدرته، وعظمته، ففيها نور الله لمن يلتمسون النور، ويطلبون الهدى.
الرؤية هنا معناها العلم الذي يجىء عن بحث ونظر.. وهو خطاب للنبىّ صلى الله عليه وسلم، يخاطب به كلّ من هو أهل للخطاب.. ثم هو دعوة إلى النظر والتدبّر فى هذا الوجود.. وعن هذا النظر وذلك التدبر يستطيع الإنسان أن يرى انقياد الوجود كلّه للخالق جل وعلا، وولاءه له، وعبوديته لذاته، وخضوعه لجلاله.. وبهذا يعلم أن كل ما فى السموات والأرض يسبّح بحمد الله