للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير:

قوله تعالى:

«وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا.. طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ» .

عادت الآيات بعد ذلك لتكشف عن وجه آخر من وجوه المنافقين، ولتعرض صورة أخرى من صور نفاقهم مع الله، بعد أن عرضت تلك الصورة المخزية الفاضحة منهم، وأنهم لا يقبلون حكم الله ورسوله فيهم، ولا يرضون بكتاب الله حكما عليهم..

فتراهم هنا فى هذه الصورة، لا يستجيبون لدعوة الجهاد إذا حان وقت الجهاد، ودعا داعية.. وقد كانوا من قبل يقسمون الأيمان أغلظ الأيمان وأوكدها، لئن أمرهم الرسول بالخروج إلى القتال ليخرجنّ من غير تردد أو مهل..

فهم فى مجال القول، أبطال حروب، وفرسان قتال، فإذا جدّ الجدّ، كانوا أجبن الناس، وأحرص الناس على حياة..

وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنّزالا

والحلف، هو أول سمة من سمات النفاق، وكثرة الحلف وتوكيده، هو الإدام الذي يأتدم به الكلام فى أفواه المنافقين، فلا يسوغ لأفواههم كلام، ولا يجدون لقول طعما إلا إذا غمسوه فى تلك الأيمان الكاذبة، وأكدوه بهذا الحلف الفاجر، واليمين الغموس..

- وقوله تعالى: «لا تُقْسِمُوا»

هو ردع لهم، وردّ لأيمانهم المؤكدة، ومبادرة بالتكذيب لما وراء هذه الأيمان، وذلك لما هو معروف من أمرهم، وأنهم ليسوا أهل صدق ووفاء، لأن من لا إيمان له، لا أيمان له..

<<  <  ج: ص:  >  >>