جاء بكذا، لا جاء كذا.. فى هذا إشارة إلى أن هذا القول الذي قالوه، إنما هو مستجلب من وراء عقولهم، وأنه من موروثات الضلال الذي يعيش معهم.. فهم قد استجلبوا هذا القول، الذي ظلموا به الحقيقة، وظلموا به أنفسهم، وكذبوا به عليها.. فالفعل «جاء» ضمّن معنى «جلب» أو «اختلق» ..
هو قول آخر من مقولات المشركين في كلمات الله.. وكأنهم أرادوا بهذا أن يقيموا لهذا الزور الذي استجلبوه أو اختلقوه، مستندا يستند إليه، وقد رأوه يكاد يفرّ من بين أيديهم..
ونسبة القرآن إلى أنه من أساطير الأولين، فرار من القول بأنه من معطيات الحياة التي يعيشون فيها، وذلك حين رأوا أن هذه الحياة لا تعطى مثل هذا الكلام في جلاله وروعته، وأنه لو كان ذلك ممكنا لكان عليهم أن يجيئوا بقول مثله، فلم يكن- والحال كذلك- إلا أن ينسبوه إلى علم الماضين، وما سطروه من علم وحكمة..
وفي أساطير الأولين مدخل فسيح للخيال، واصطياد الغرائب التي لا تخطر على البال، حيث يقع الماضي من الناس موقع القداسة والرهبة، لكل صغير وكبير يستجلب منه.. فلا حجة عليهم لمن يجيئهم من عالم الأساطير بما لم يقع لأيديهم، فهذا عالم لا حدود له، ولا مجاز بين أحد وبينه..!!
وفي قولهم:«اكتتبها» إشارة إلى أمية النبىّ، ودفع الاعتراض القائم بين يدى قولهم:«إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ» .. وقولهم عن هذا الإفك المفترى