كما يقول الله تعالى:«هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ»(٢١٠: البقرة) .
ففى يوم القيامة، يتشقق أديم السماء، حين يتنزل الملائكة فى صورة محسوسة، يراهم الناس فيها كما يرون قطع السحاب..
وفى هذا اليوم، يجىء الناس إلى موقف الحساب، مجردين من كل شىء..
عراة حفاة، كما ولدتهم أمهاتهم.. فإن ما كانوا يملكونه فى الدنيا هو ملك زائل.. أما الملك الحق، فهو للرحمن، سبحانه وتعالى.. كما يقول سبحانه يوم القيامة:«لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ ..» فلا يكون إلا جواب واحد، هو:
«لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ»(١٦: غافر) .
وفى إضافة الملك إلى «الرحمن» - دون ما لله سبحانه من صفات أخرى- فى هذا إشارة إلى ما لله سبحانه وتعالى من رحمة بعباده، فى ذلك اليوم، الذي تلتمس فيه الرحمة، وبلاذ فيه بجناب الرحمن الرحيم.. فحساب الناس، فى هذا اليوم، هو إلى ربّ رحمن، رحيم، وأن ما ينال العصاة والمذنبين، والمنحرفين من عذاب، هو ممسوس برحمة الله، لا يراد منه، إلا تطهير هذه النفوس الخبيثة، وإلّا شفاء هذه القلوب المريضة.. وليست النقمة ولا التشفي مما يتصل بهذا العذاب الذي يلقاه العصاة.. فإنه لا ينتقم ولا يتشفّى إلا من كان عاجزا فقدر، وإلّا من كان عدوّا، فقهر، ثم انتصر.. وتعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.. فالناس خلقه، وصنعة يده.. هو الذي أوجدهم، وربّاهم، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة.. ولا يتفق الانتقام والتشفّى، مع الإنعام والإحسان.
وإن صحّ ولزم الإصلاح، والتقويم! وفى قوله تعالى:«وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً» - إشارة إلى