(١٧٦: الشعراء) ؟ أم هو اسم حيوان، كما في قوله تعالى:«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ» ؟ أم هو سمة من سمات القوم الغالبة فيهم، كما فى قوله تعالى:«وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ»(٨٠: الحجر) ؟
وليس في التعرف على «أَصْحابَ الرَّسِّ» وفي الكشف عن موطنهم، وزمنهم، ورسلهم، ما يزيد في حجم أو أثر العبرة والعظة من مهلكهم..
فما هم إلا جماعة من تلك الجماعات التي شردت عن الحقّ، وتأبّت على الهدى، ووقفت من آيات الله، ومن رسل الله، موقف اللجاج والعناد.. وفي ذكرهم مع عاد، وثمود، ما يصبغهم بهذا الصّبغ الذي اصطبغ به هؤلاء وهؤلاء، من الضلال، والعناد.. فهم، ومن سبقهم، أو لحق بهم من الأقوام الضالين- على سواء في الكفر والضلال..
وفي قوله تعالى:«وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً» إضافة للكثير من الأقوام الضالين، الذين احتواهم الزّمن بين قوم نوح، وبين عاد وثمود وأصحاب الرس.. فهناك كثيرون من الرسل، قد بعثهم الله سبحانه وتعالى إلى أقوام عديدين، فى تلك الحقبة، بين نوح، وبين عاد وثمود وأصحاب الرس.. وأن هؤلاء الأقوام لم يختلف موقفهم مع رسلهم، عن موقف عاد وثمود وأصحاب الرسّ، من رسلهم..
وعلى هذا، فإنه إذا كشف الزمن عن وجه أصحاب الرس- فليكونوا كعاد وثمود، وإذا لم يكشف الزمن عن وجوههم فليكونوا في هؤلاء الأقوام الذين احتواهم الزمن، بين نوح وبين عاد وثمود..! وهذا هو بعض السرّ فى وضع «أَصْحابَ الرَّسِّ» فى هذا الوضع من الآية.. فهم بين معلومين علما قاطعا، وبين مجهولين جهلا تاما.. وكذلك كان وضعهم في آية «ق» :
«كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ» .. فقد أخذوا وضعا وسطا بين