للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرية، الذين أعنتوا رسولهم، وسفهوا عليه، كما يعنت هؤلاء المشركون رسولهم ويسفهون عليه..

وفي قوله تعالى: «إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً» .. إعلان بالجرم الذي أجرمه المشركون في حقّ الرسول.. وأنهم اتخذوه هزوا وسخرية.. وأن من هزئهم وسخريتهم به، هو الإشارة إليه تلك الإشارة المنكرة له، المستخفّة به، المستصغرة لشأنه: «أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا» ؟.

و «إِنْ يَتَّخِذُونَكَ» جملة منفية، و «إن» حرف يفيد النفي، أي ما يتخذونك إلا هزوا..

وفي التعبير عن هزء المشركين بالنبي بقوله تعالى: «يَتَّخِذُونَكَ» إشارة إلى أنهم يجعلون النبي غرضا لسهام السخرية، كلما لاح لهم، وبدا لأعينهم..

فذلك هو دأبهم معه. وفي هذا تشنيع عليهم، وتهويل لجرمهم.

وقوله تعالى: «إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها» .

«إِنْ» أداة تفيد التوكيد، وهي المخففة من إنّ الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، وتقديره: إنه كاد ليضلنا عن آلهتنا..

وهذه الجملة هي بقية مقول القول: «أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا» ..

أي قائلين أهذا الذي بعث الله رسولا؟ إنه كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها..!!

وإنهم ليحمدون لأنفسهم هذا الوقوف في وجه النبيّ، وهذا الثبات على ما هم عليه مع آلهتهم، وأنه لولا هذا، لجرفهم هذا التيار الجديد، ولأفسد النبيّ ما بينهم وبين آلهتهم، كما أفسد كثيرا ممن ليس لهم مثل ما عندهم من قوة وإرادة! هكذا ظنهم بأنفسهم، وبما أمسكوا به من ضلال!

<<  <  ج: ص:  >  >>