وقد كشف هذا الامتحان، عن جمود هؤلاء الضالين على ضلالهم، وأنهم لم يهتدوا إلى هذه الحقيقة بأنفسهم، ولم يسألوا عنها أهل الذكر.. وأنهم إذا قيل لهم:«اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ» وآمنوا به، واجعلوا ولاءكم له- أنكروا هذا الاسم، ولم يعرفوا مدلوله ومسماه الذي يسمى به، فقالوا منكرين:«وَمَا الرَّحْمنُ» ؟ فيا لخسران القوم، ويا لتطاولهم على الله!! إن الرحمن هو الذي رحمهم برحمته، فلم يأخذهم بعاجل عذابه، وهم ينكرونه إنكار المستخفّ المستهزئ.. وكلمة منه- سبحانه- تمسخهم قردة وخنازير، أو تسلبهم السمع والبصر والكلام، فيعيشون صمّا، عميا، بكما، بين الأحياء!! فما أوسع رحمة الرحمن، التي يعيش في ظلها أعداء الرحمن، المحاربون له، المستكبرون عن عبادته..
- وفي قوله تعالى:«أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا؟» بيان لجريمة أخرى من جرائم هؤلاء المجرمين.. إنهم لن يسجدوا للرحمن، لأنهم لا يعرفونه، وإنهم لو عرفوه لا يسجدون له، لأن الذي يدعوهم إليه بشر مثلهم، ورجل منهم!! إنه الكبر والعناد، إلى جانب الجهل والضلال..
وقوله تعالى:«وَزادَهُمْ نُفُوراً» أي زادهم هذا الطلب الموجّه إليهم من النبي نفورا إلى نفورهم، فهم نفروا أولا، لأنهم لا يعرفون الرحمن، وهم نفروا ثانيا، لأن الذي يدعوهم إليه إنسان، من الناس، وليس ملكا من الملائكة، كما كانوا يقترحون! قوله تعالى: