للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، وبأنه لا تقبل توبة إلا إذا زكاها الإيمان بالله..

وقوله تعالى: «فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً» - أي يتوب توبة، فمتابا توكيد، وفي هذا إشارة إلى أن الذين ارتكبوا هذه المنكرات، قد بعدوا عن الله، وشردوا عن الطريق إليه، وأنهم حين عدلوا عن طريقهم، وأخذوا الطريق إلى الله- قد رجعوا إلى الله رجوعا حقّا، وأصبحوا في عباده المؤمنين المكرمين، غير منظور إلى شىء من حياتهم الماضية، التي كانوا عليها قبل أن يتوبوا.. إنهم بعد التوبة والعمل الصالح، قد ولدوا ميلادا جديدا، ذهب به كل ما كان عليهم من أدران وأوزار.. فتوبتهم حينئذ توبة مثمرة ثمرا طيبا، لأنها أثمرت هذه الأعمال الصالحة التي أتوا بها بعد توبتهم تلك..

- «وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» ..

وصفة أخرى من صفات عباد الرحمن..

إنهم لا يشهدون الزور، أي لا يحضرون مجالس الفحش، والهجر، ولا يستمعون لمقالات الكذب والبهتان.. وإنهم إذا وقع لهم في طريقهم مشهد من مشاهد العبث واللهو، لم يقفوا عنده، ولم يلقوا بآذانهم، أو أبصارهم إليه، بل مرّوا به وهم كرام مترفعون بإيمانهم، وبمروءاتهم، عن أن يشاركوا في هذا الباطل من قريب أو بعيد! - «وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً» ..

وصفة سادسة من صفات عباد الرحمن، وهي أنهم يحيون مع آيات الله حياة عاقلة واعية، ويعايشونها معايشة ودودا طيبة.. فإذا قرءوا، وسمعوا آيات الله تتلى عليهم، أعطوها عقولهم وقلوبهم، وفقهوا ما تتسع له عقولهم وقلوبهم من نورها، وهديها.. وهذا غير ما يلقى به الغافلون والجاهلون آيات الله، حيث يخرون بين

<<  <  ج: ص:  >  >>