للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبالصبر، استطاعوا أن يصمدوا أمام الشدائد، وأن يحتملوا ما يصابون به في أموالهم وأنفسهم، مستسلمين لأمر الله، راضين بقضائه.. وبالصبر قهروا نوازع أهوائهم.. فالصبر، هو زاد المؤمن على طريق الإيمان، وهو القوّة التي تشدّه إلى الله، وتمسك به على طريق الحق والخير..

والغرفة، أعلى مكان في الجنة، وهي في البيت أعلى موضع منه.. وهي فى الجنة ليست غرفة واحدة، وإنما هي غرفات، كما يقول الله تعالى: «وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ» .. وإنما أفردت هنا لأن المراد بها، المنزلة، أي يجزون المنزلة التي فيها الغرفة، وفيها الغرفات، لأنها جميعها في درجة واحدة.

قوله تعالى: «وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً» أي أن الذين ينزلون بهذه الغرفة، هم في موضع احتفاء وتكريم، وأن مما يكون لهم فيها من صور الإحسان، أن تتردد عليهم الملائكة، وتغشى مجالسهم، بالتحية والسلام..

وفي ذلك ما فيه من أنس وروح لهم..

قوله تعالى: «خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً» .. أي أنهم ساكنون ووادعون في هذه الغرفة، سكون أمن وطمأنينة وقرار.. لا يريدون التحول عنها، فقد حسن فيها مستقرّهم، وطاب فيها مقامهم..

هذا، ويلاحظ أن عرض صفات المؤمنين، الذين استحقوا، أن يضيفهم الله سبحانه وتعالى إليه، وأن ينزلهم منازل رحمته، وأن يكونوا عباد الرحمن- يلاحظ أن هذه الصفات لم تجىء مرتبة ترتيبا تصاعديا أو تنازليا.. وذلك لغاية قصد إليها القرآن، كما سنرى.

فأول صفة لعباد الرحمن.. أنهم «يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً» .

<<  <  ج: ص:  >  >>