اليمّ، خوفا من فرعون، ثم التقاط آل فرعون له، واتخاذ فرعون له ولدا..
ثم قتله المصري، وفراره إلى مدين، ثم زواجه من ابنة شعيب- عليه السلام- ثم عودته إلى مصر.. ثم تلقيه رسالة السماء وهو في طريق العودة- كل هذا لم تعرض له القصّة هنا، لأنه عرض في مواضع أخرى من القرآن الكريم..
وتبدأ أحداث القصة هنا، بهذا الأمر يتلقاه موسى من ربّه:«أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.. قَوْمَ فِرْعَوْنَ» .. فهذا هو الوصف الذي لهم في المجتمع الإنسانى.. ثم جاء التعقيب على هذا الأمر بقوله تعالى:«أَلا يَتَّقُونَ» كاشفا عن بغيهم وظلمهم، وأنهم لا يتقون.. وقد أطلق فعل التقوى، فلم يقيّد بمفعول، للدلالة على أن قلوبهم قد خلت من كل أثر للتقوى، فى أي قول أو عمل، مع الله، أو مع الناس.. فهم على بغى وعدوان في كل أمر، وفي كل حال..
ويتلقى موسى أمر ربّه، وإذا صورة فرعون تطلع عليه، بوجه ظالم غشوم فتعتريه رهبة، واضطراب، من هذا اللقاء، الذي سيكون بينه وبين فرعون، فيضرع إلى ربه قائلا:«رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ» .
إن هناك أكثر من جهة يطلع منها الخوف على موسى من فرعون..
ففرعون ظالم جبار، لا يدنو منه أحد إلا افترسه، كما يفترس الأسد فريسته..
إنه لا يسأل عما يفعل، وما هي إلا كلمة، أو إشارة تصدر منه، حتى يمضى زبانيته أمره.. وفوق هذا، فإن موسى مطلوب لفرعون في دم القتيل المصري الذي قتله.. إن الأبرياء لا تشفع لهم براءتهم أمام ظلم فرعون وبغيه، فكيف بأرباب التهم الذين يقعون ليده؟ وموسى مطلوب منه أن يمتثل أمر ربّه، وأنه لممتثل لهذا الأمر، صادع به، ولكنه يسأل الله العون والمدد.. وذلك بأن