مجربات الأمور قد أفلت منه، ولم يقدر على الإمساك به، ولو استعان بمئات من الأشخاص والأدوات المسجلة والمصورة.
وهذا يكشف لنا عن أمرين:
أولهما: استحالة نقل الحدث، مهما صغر، نقلا كاملا بملابساته جميعها، مما حواه زمانه، واشتمل عليه مكانه.
وثانيهما: أن نقل الملابسات التي تتلبس بالحادث- على فرض إمكانها- لا داعية إليه في التعرف على وجه الحادثة، والاستدلال على مشخصاتها، والوقوف على ما يحتاج إليه منها، إذ يكفى من هذه المشخصات ما يصور الملامح الواضحة، للحادث، ويشخّصه.
وبدهيّ أن القصص القرآنى إذ ينقل صورا من أحداث الماضي، فإنه لا ينقل كل ما تلبّس بها من قريب وبعيد، وإنما يأخذ منها ما كان ذا دلالة واضحة عليها، فى الكشف عن الوجه المعبر منها عن الحدث، والمضمون الذي اشتمل عليه..
وإذا كان ذلك كذلك في القصص القرآنى، فإنه يعنى أن هذا القصص لم يجىء بالواقع كله، بل أخذ منه بعضا وأعرض عن بعض، ويعنى أيضا أن هناك تفاوتا واختلافا كثيرا أو قليلا بين هذا القصص وبين الواقع..
وهذا يعنى- مرة ثالثة- أن القصص القرآنى مغاير للواقع على نحو ما.
وهذا يعنى- مرّة رابعة- أن هذا القصص قد تصرّف في الأحداث، كما يتصرف القصصيّ في الأحداث الواقعة، حين يؤلف منها قصة من