«وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ»(٦: يوسف) وقال سبحانه على لسان يوسف: «رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ»(١٠١: يوسف) وقال سبحانه على لسانه أيضا: «يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ»(١٠٠: يوسف) وقال تعالى على لسان صاحبى السجن «نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ»(٣٦: يوسف) وقال سبحانه على لسان يوسف: «لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي»(٣٧: يوسف) وقال تعالى على لسان أصحاب فرعون: «وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ»(٤٤: يوسف) . وقال تعالى على لسان أحد صاحبى السجن، وهو الذي نجا:«أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ»(٤٥:
يوسف) .
وكما كان ليوسف هذا العلم الذي فضل الله عليه به، فكشف بهذا العلم ما وراء تلك الحجب من الأزمنة والأمكنة.. كان ذلك العلم أيضا للعبد الصالح صاحب موسى عليهما السلام- والذي يقول لله تعالى فيه:«فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً»(٦٥: الكهف) .
وفى صحبة موسى للعبد الصالح، رأى موسى العجب فى أمور كان يأتيها العبد الصالح بين يديه، فتجرى فى وضع مقلوب، كما يبدو ذلك فى مستوى النظر الطبيعي للناس، بينما هى- فى حقيقة أمرها- تسير فى أعدل وجه وأحسنه! كما ظهر ذلك منها، حين كشف العبد الصالح لموسى، عما وراء هذا الظاهر غير المستقيم، أو بمعنى أوضح، حين كشف له عن حجاب الزمن، وأراه مسيرتها، والنهاية التي تنتهى إليها، وما تؤول إليه عاقبة أمرها.