للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» وقوله سبحانه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» وقوله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» . وكذلك الآيات التي تتعلق بالإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والجنة والنار.. لأن هذه أمور إن حملها نص غير واضح الدلالة محدد المفهوم- أوقع الناس فى لبس وخلاف، وذهب كلّ فيها مذهبا، ففرقوا دين الله، وتفرقوا فيه، وهو الذي من شأنه أن يجمعهم عليه، وأن يجتمعوا هم على كلمة سواء فيه.

فهذا المحكم من آيات الكتاب الكريم، يعطى دلالته، محددة واضحة، لأول نظرة فيه.

وهناك آيات متشابهة، تحتمل وجوها من التأويل والتخريج.. وسنعرض لها بعد قليل.

وبين الآيات المحكمة والآيات المتشابهة آيات ليست من هذه أو تلك، ليست محدّدة الدلالة، ولا مغلقة المفهوم.. بل يمكن- مع النظر السليم- أن ينكشف مدلولها، ويتحدد مفهومها، وذلك هو معظم القرآن، فيما جاء فى الأخلاقيات وفى الأحكام الجزئية. ذلك أن القرآن الكريم لم يجىء على الأسلوب العلمي، الذي يصبّ قواعد العلم ومقرراته فى قوالب لفظية جامدة، لا تنفتح إلا على حكم واحد لا شىء بعده، بل جاء القرآن على أسلوب أدبى رفيع، استولى على قمة الفن الأدبى، بلا منازع، وهذا الأسلوب مهما كان من الدّقة والإحكام لا يمكن أن ينضبط على القالب العلمي، ولا أن تحمل ألفاظه أحكاما صامتة- مغلقة- مثل ما تحمل ألفاظ الأسلوب العلمي، بل تجىء الأحكام فى هذا الأسلوب مغلّقة فى غلائف رقيقة مشعّة، تومىء إلى المعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>