للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أجل هذا حسبوا أنهم قادرون على أن يفعلوا فعله هذا، فقالوا ما حكاه القرآن الكريم عنهم: «لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا، إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» (٣١: الأنفال) .. ثم كان من هذا، أيضا أنهم كانوا يهاجمون النبي من هذا الجانب ويمتحنون صدقه من هذا الباب.. فكانوا يسألون اليهود عن أخبار ماضية، ثم يأتون النبي يسألونه عنها، ويطلبون ما عنده من علم بها، إن كان على صلة بالسماء، كما يدعى.. فقد سألوا الرسول عن ذى القرنين، كما سألوه عن الساعة، وعن الروح، وغيرها من الغيبيات..

وثانيا: ما جاء في قوله تعالى بعد ذلك: «وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» .. وفي قوله: «أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ» .. ففى هذا إشارة إلى أن هذه الأخبار، ليست من واردات الوهم والخيال، وأنها ليست من أساطير الأولين، كما يقولون.. فهى من الأخبار التي دونت، وسجلت في زبر الأولين.

والزبر، جمع زبور. والزبور القطعة من الكتاب.!

ومعنى هذا، أن هذه الأخبار، هى من بعض ما ضمت عليه الكتب السابقة، وليست هي كل ما في هذه الكتب، إذ أن الكتب المنزلة على أهل الكتاب، كانت تحوى كثيرا من الشرائع والأحكام، والآداب، إلى جانب هذه الأخبار، فالأخبار، جزء من هذه الكتب، وزير- أي قطع- منها.

ومن جهة أخرى، فإن هذه الأخبار التي جاء بها القصص القرآنى، كانت معلومة عند علماء بني إسرائيل، الذين يلجأ إليهم المشركون في اصطياد الأخبار، التي يختبرون بها النبي. فإذا كانت هذه الأخبار التي جاء بها القرآن لا تخرج في مضمونها عما عند علماء أهل الكتاب، الذين هم موضع ثقتهم..

<<  <  ج: ص:  >  >>