فأولا: أنه جاء في آيات سابقة قوله تعالى: «إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ» .. ثم أعقب هذه الآيات تعقيب على موقف المشركين من هذا الكتاب، المنزل من ربّ العالمين، ومقولاتهم المفتراة عليه.. فكان قوله تعالى:«وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ» توكيدا لقوله تعالى: «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ» .
وثانيا: فى قوله تعالى: «ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ» - إشارة إلى أن المشركين قد جاءهم ما جاء المنذرين قبلهم، من آيات الله.. ليكون لهم منها موعظة وذكرى.. وأن هذا الذي جاء إلى المشركين، هو كتاب الله، الذي تلقاه محمد وحيا من ربه.. وأنه ليس مما تنزلت به الشياطين، كما يتنزّل على الكهان والسحرة..
أي أنه ما ينبغى للشياطين، أن يأخذوا هذا الموقف، وأن يكونوا سفراء بين الله وبين من يتخيرهم من عباده لرسالته.. إن الشياطين يعرفون قدرهم، والحدّ الذي ينبغى أن يقفوا عنده.. ومن جهة أخرى، فإنهم إذا أرادوا أن يخرجوا عن طورهم، ويتجاوزوا حدودهم، فإنهم لن يستطيعوا