هو توكيد للنفى الوارد في قوله تعالى:«وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ» ..
فهذا النفي كان ردا على التهم التي يرمى بها المشركون النبي صلّى الله عليه وآله من مخالطة الشياطين له، وتآخيهم معه، وأن معه رئيّا منهم يلقى إليه بهذه المقولات التي يحدثهم بها.. فقد كان من تصورات الجاهليين، أن الشياطين والجن يخالطون بعض الناس، ويعيشون معهم، وأن الشعراء خاصة هم أقرب الناس إلى هذا العالم الخفي، وأكثرهم اتصالا به، وأن مع كل شاعر فحل، شيطانا، ينظم له الشعر.. وفي تاريخ الأدب العربي كثير من الشعر الذي ينسب إلى الجن، إذ لم يعلم له قائل.. ومن هذا ما يروى من الشعر في حديث الهجرة وما كان من نزول الرسول- صلى الله عليه وآله- وصاحبه أبى بكر، بأمّ معبد.. ومما يروى من هذا الشعر، قولهم:
جزى الله ربّ الناس خير جزائه ... رفيقين حلّا خيمتى أم معبد
هما نزلا بالبرّ ثم ترحلا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد