للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: الدأب: السعى، والعمل، والحال الذي يبلغه المرء بسعيه وعمله.

وقد ضرب الله سبحانه وتعالى للكافرين مثلا بآل فرعون- وهم جماعة الفراعين- الذين استكثروا من الدنيا، وبلغوا من السلطان والقوة ما بلغوا، حيث استطالوا بما فى أيديهم من سلطان وقوة، وقال قائلهم للناس ما حكاه القرآن عنه: «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى» (٢٤- ٢٥) : النازعات.

هكذا يغرى السلطان ويغوى، إلّا من عصم الله، وقد كان فرعون مثلا بارزا للكفران بنعمة الله، والاغترار بما مكّن الله له فى الأرض. فقال تعالى:

«وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ «١» الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ» (١٠- ١٤: الفجر) .

وقوله تعالى: «وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» أي الذين سبقوا هؤلاء الفراعين فى الضلال والعتوّ، إذ ليس هؤلاء الفراعين هم أول من حادّ الله وكفر به، فالكفر قديم فى الناس، لا يسلم منه جيل من أجيالهم «إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» (٣٤: إبراهيم) .

وهؤلاء الكفرة جميعا- قريبهم وبعيدهم، سابقهم ولاحقهم- لن يفلتوا من قبضة الله، ولن ينجوا من عذابه.. «فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ» إذ انقطع عملهم من الدنيا، وصاروا إلى الله بما اقترفوا من


(١) المراد بالأوتاد هنا تلك الأهرامات التي رفعها فراعين مصر على وجه الأرض، فكانت جبالا كالجبال، التي هى أوتاد الأرض: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً» (٦، ٧: النبأ)

<<  <  ج: ص:  >  >>