للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعود على الولي، أي أنهم يقولون لهذا الولي، المطالب بالدم ما شهدنا مهلك أهله هؤلاء الذين تطالب بدمهم، ومنهم صالح..

وهذا أولى- فى تقديرنا- من عود الضمير على صالح، وأنهم يقولون لولى الدم ما شهدنا مهلك أهل صالح، كما يقول بذلك المفسرون- وذلك ليتحقق قولهم: «وَإِنَّا لَصادِقُونَ» على تقدير أنهم لم يشهدوا فعلا مهلك أهله وحدهم، وإنما شهدوا مهلكه ومهلك أهله معه.. وإذن فهم صادقون بهذا التلبيس الذي لبسوا به شهادتهم!! هكذا يقول المفسرون، كأن القوم يتحرون الصدق في شهادتهم، فيخرجونها على هذا الوجه الذي هو الكذب في صميمه، وإن طلى بهذا الزيف المفضوح..

والقوم في قولهم: «وَإِنَّا لَصادِقُونَ» إنما يؤكدون الكذب الذي جاءوا به في قولهم لولى الدم ما شهدنا مهلك أهلك هؤلاء- وفيهم صالح وأهله «وَإِنَّا لَصادِقُونَ» فيما نقول.. فهكذا الكاذب دائما يحرص أشد الحرص على أن يزكى كذبه بمثل هذه الادعاءات، وأنه إنما يقول الصدق ويقسم عليه، كما يقول تعالى في شأن اليهود: «وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» (١٤: المجادلة) .

والسؤال هنا: كيف يتقاسمون بالله، ويحلفون به وهم كافرون؟

والجواب على هذا أنهم كانوا يعرفون الله، ولكن معرفتهم تلك قد اختلطت بالضلال، فلم يعرفوا الله حق معرفته، بل عبدوا معه آلهة أخرى، وجعلوه إلها من آلهتهم، أو كبيرا لهذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى، كما كان ذلك شأن مشركى العرب، ولهذا كانت دعوة صالح إليهم هى:

«اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» (٦١: هود) ، أي أخلصوا العبادة له وحده، فما لكم إله غير الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>