يخرجوا أخرجناهم.. فهذه القرية هي قريتنا، وليس لهم مقام فيها ما داموا لا يحيون حياتنا!! هكذا كان منطق القوم.. إنهم كثرة، وآل لوط قلة..
وما كان للقلة أن تتحكم في الكثرة.. وإذا كانت القرية لا تحتملنا وتحتملهم على هذا الخلاف الذي بيننا وبينهم، فليخرجوا منها مكرهين، غير مأسوف عليهم.
وليس هذا وحده هو جواب القوم.. فقد كان للقوم أجوبة كثيرة، أجابوا بها على دعوة لوط، كما ذكر القرآن عنهم ذلك في أكثر من موضع، كقولهم. «ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ»(٧٩: هود) ..
وقولهم له أيضا:«أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ»(٧٠: الحجر) وقولهم: «لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ»(١٦٧: الشعراء) .
فهذه أجوبة كثيرة كان يلقى بها القوم لوطا. ولكن هذا الجواب، الذي جاء في قوله تعالى:«فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ» .. هو تلخيص جامع لهذه الأجوبة كلها، وهو النهاية التي انتهت إليها كل هذه الأجوبة، فكان هذا الجواب هو جوابهم القاطع، الذي لا جواب لهم غيره، ولهذا جاء به النظم القرآنى على هذه الصورة التي تفيد القصر.. «فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ» أي ما كان لهم إلا هذا الجواب..