السميع، البصير، الذي تفزعون إليه- أيها الضالون المكذبون- عند كل كرب، وتدعونه عند كل شدّة، فيستجيب لكم، ويكشف الضرّ عنكم.؟
كما يقول سبحانه:«قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.. تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ»(٦٣- ٦٤: الأنعام) أآلهتكم هذه؟ أم الله ربّ العالمين، الذي أعطاكم هذه الصورة البشرية السويّة، ومنحكم العقل، والمنطق، وأقامكم على هذه الأرض خلفاء لله فيها؟
ألا تذكرون فضل الله عليكم، ولا تنظرون إلى نعمه إليكم؟ ألا تشكرون له أن أخرجكم من العدم إلى الوجود، ثم أعطاكم من الوجود الأرضى أحسن وأكرم ما خلق فيه؟
أجيبوا.. أيها الضالون المكذّبون، الجاحدون؟
وقد أجابوا بما يجيب به كل جاحد لنعمة الله.. لا يذكر الله إلا عند الشدّة، فإذا انجلى الكرب، وذهبت الشدّة «نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ»(٨: الزمر) .
ولهذا جاءت فاصلة الآية:«قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» لتسجل عليهم هذا التنكر لنعمة الله عليهم، وإحسانه إليهم.. فهم لا يذكرون لله هذه النعمة، ولا يتذكرون هذا الإحسان..