للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فِي الْآخِرَةِ» ولم يجىء هكذا: بل إدراك علمهم بالآخرة.. فالعلم الذي عندهم بالاخرة كثير، ولكنهم يمارون في هذا العلم، ويجادلون فيه..

وقوله تعالى: «بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها» هو وصف آخر يضاف إلى أوصافهم التي تكشف عن موقفهم من أمر الآخرة.. «إنهم في شك منها» لا يقيم لهم العلم الذي بين أيديهم عنها، إلا أوهاما وظنونا.

ومعنى ادّارك علمهم، أي كثر، وتتابع، وجاءهم داركا، أي متلاحقا..

تختلف وجوهه في تصورهم، وتتغاير صوره في عقولهم، وتتوارد عليهم الخواطر فيه بين الشك واليقين.

وقوله تعالى «بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ» - وصف ثالث يلحق بالوصفين السابقين، وهو أنهم في عمى وضلال عن الآخرة، فلا يرون لها وجودا، ولا يحسون لها أثرا..

والصورة التي تتمثل من هؤلاء المنكرين ليوم البعث، هى صورة مائجة مضطربة، كما يموج السراب في الصحراء..

فهناك شواهد قائمة على البعث والحساب والجزاء.. ولكن المشركين لا يشعرون بها، ولا يلتفتون إليها.

وهناك علم كثير، تحدثهم به آيات الله التي يتلوها عليهم رسول الله، فى أمر البعث والحساب والجزاء.. «بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ» وهذا العلم لا يستقبله المشركون إلا بقلوب مريضة، وعقول ضالة.. فلا تقع منه إلا على ظنون.. «بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها» .

وهذه الظنون التي تقع لهم من هذا العلم، سرعان ما يطغى عليها الضلال والجهل، فتختفى، ويختفى معها كل شىء عن هذا اليوم، وإذا هم في عمى، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>