ففى الآية الكريمة ثلاثة مفاهيم لموقف واحد.. هو موقف المشركين من يوم القيامة.. فالمشركون وإن كانوا على موقف واحد من إنكارهم للبعث، فإنهم في إنكارهم ليسوا على صورة واحدة.. إذ يكاد يكون لكل منكر للبعث تصور خاص به، ومفهوم استقلّ به، وأقام إنكاره للبعث عليه.
ولتصوير هذه التصورات، وتلك المفاهيم في جميع مستوياتها، وعلى اختلاف منازلها، ينبغى أن يكون لكل إنسان صورة خاصة به، ووصف محدّد له..
ولكن هذا أمر لا يضبط، بل يقع موقع الاستحالة المطلقة..
ولو أنه ضبط، لما كان له كبير قيمة في كشف الموقف العام للمشركين المكذبين بهذا اليوم، إذ ما أكثر الصور المتشابهة المتكررة، التي لا يكاد يلمح فيما بينها فرق، إلا تحت النظر «الميكرسكوبى» .
وإذن، فالعمل الذي يجدى في هذه الحال، هو ضبط هؤلاء المكذبين فى مجاميع، كل مجموعة تمثل اتجاها معينا له صفته، وله وجهه في هذا المقام.. وهذا هو الذي فعله القرآن في هذه الآية.
فقد قسم المكذبين بيوم البعث، حسب مشاعرهم له- إلى ثلاث مجموعات، كما نرى في الآية الكريمة:«بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ. بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ» .
فالمجموعة الأولى، تأخذ علمها عن الساعة من مدلول النظر العقلي المجرد، دون التفات إلى عالم الغيب، الذي تحتجب وراء ستره أمور كثيرة.. منها البعث، والقيامة.. فمن لا يؤمن بعالم الغيب، لا يهديه عقله وعلمه إلى الإيمان بيوم