وهذا الاستفهام إنكارى، يقوله المشركون في استهزاء وسخرية واستنكار:
«متى هذا الوعد؟» أي متى يوم البعث الذي تعدنا به، وتهددنا بما نلقى من عذاب فيه؟ .. فقد استبعدوا أولا أن يكون في الإمكان بعث الأموات من القبور بعد أن تتحلل أجسادهم وتضيع في التراب.. فقالوا ما حكاه القرآن عنهم في الآيات السابقة:«لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» ثم هم ثانيا يؤكدون هذا الإنكار بمنطق سقيم، وهو أنه لو كان فى الإمكان بعث الموتى، فما الضرورة لبعثهم؟ إنهم كانوا أحياء في هذه الدنيا، فلم يموتون ثم يبعثون، إذا كان من بعثهم حكمة؟ ألا كان خيرا من هذا أن يظلوا أحياء إلى ما شاء الله، بدلا من أن يميتهم الله ثم يحييهم؟ فلم الموت ثم الحياة، إذا كانت نهاية الإنسان هي الحياة؟
ثم يسلمهم هذا المنطق السقيم إلى القول، بأنه لو كان البعث ممكنا، وكان لهذا البعث حكمة- فلم لم يقع هذا البعث ولو مرة واحدة في حياة الإنسانية، منذ آلاف السنين؟ .. إنه لو كانت البعث أمرا سيقع- مع التسليم بإمكان وقوعه- لما قطعت الإنسانية هذه الآماد الطويلة من حياتها على هذه الأرض، ولما غيب الثرى هذه الأعداد التي لا حصر لها من أجيال الناس!! فمتى يأتى هذا اليوم؟ .. إنه وعد كاذب، وسلاح خادع يتهددنا به محمد!! وفي هذا يقول شاعرهم:
حياة ثم موت ثم بعث ... حديث خرافة يا أم عمرو!!
وفي قولهم «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» - مواجهة للنبى والمؤمنين، بهذا الإنكار المتحدّى.. فهم لا يلقون النبي وحده بهذا التحدي الساخر، وإنما يلقون به