هذا الحلم المزعج، وإذا هم مع شركهم الذي أوردهم هذا المورد الوبيل، وإذا كانوا قد عموا عن كلمات الله التي تعرض عليهم آيات الله، تسطع هدى ونورا لمن أراد الهدى والنور.. فهذا الليل الذي جعله الله سكنا لهم، وهذا النهار الذي جعله الله ضياء يكشف ظلام الليل.. أليس في هذا شاهد يشهد بالحق، وينطق بوجود إله متفرد بالقيام على هذا الوجود؟ بلى.. إن في ذلك لآيات- لا آية واحدة- لقوم يؤمنون.. أي قد تهيأت نفوسهم للإيمان.. أما من فسدت فطرتهم، وعميت بصيرتهم، فلن تغنى عنهم الآيات شيئا. «وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ»(١٠١: يونس) ..
وفي تخير هذه الآية- آية الليل والنهار- من بين الآيات كلها، وقصر العرض عليها وحدها- لأنها تجمع الآيات المحسوسة والمعقولة، من جهة، ولأنها واقع مشترك بين الناس جميعا.. حيث يحتويهم جميعا.. الليل والنهار..
وفي هذه الآية يردّ المشركون مرة أخرى إلى الدار الآخرة، وإلى ما كانوا فيه من هول وفزع، مستصحبين معهم ما سمعوا لتوّهم من قوله تعالى:«أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً» .. فإذا كانوا قد نسوا، ما رأوا من مشاهد القيامة التي عرضت عليهم من قبل، فهذا مشهد من مشاهدها.. وهذه آية من آيات الله، الدالة على قدرته، ورحمته، وحكمته..
فليأخذوا طريقهم إلى الإيمان» ولا يمسكوا بما هم عليه من شرك، ولا عذر لهم بعد هذا البلاغ المبين..