للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ» أي في خفر، وحياء، شأن الحصان العفيفة.. وحسبها أنها ربيبة بيت النبوة.

وانظر في قوله تعالى: «تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ» .. يا لله، ويا لروعة كلامه المعجز المبين.. لقد تجسد الحياء، فكان بساطا ممدودا على طريقها إلى موسى.. إنها لا تمشى على الأرض، ولكنها تمشى على حياء، تتعثر فيه قدماها، وتقصر به خطاها، ويضطرب له كيانها..

- «قالَتْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا» إنها رسول أبيها، الذي عرف موسى من أمره أنه «شيخ كبير» ولو كان في استطاعته أن يسعى إلى موسى لما بعث بابنته إليه، ولجاء إليه بنفسه، يدعوه إلى النزول عنده.. وهو الغريب، الذي لا مأوى له في هذا البلد..

والمراد بالأجر هنا، ليس مجرد الأجر المادي، وإنما هو جزاء إحسان بإحسان، ولقاء معروف بمعروف..

- «فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» .

لقد التقى الرجلان.. موسى وشعيب.. وكان بينهما حديث، أفضى به موسى إلى مضيفه، وعرف المضيف بهذا الحديث من يكون ضيفه، ومن اى بلاد جاء، وما سبب مجيئه.. فلما عرف شعيب ما وقع لموسى من أحداث، آواه إليه، وأمّنه، قائلا: «لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» . فإنك هنا بحيث لا تنالك بد فرعون.

وهنا تظهر الأنثى التي تطلب الرجل الذي تطمع في أن يكون رجلها الذي تحلم به، وتنتظر الأيام تجئ به، ليطرق بابها! «قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ»

<<  <  ج: ص:  >  >>