فالذى أوحاه الله إلى رسله، هو دينه الذي ارتضاه لعباده، وهو الإسلام.
وفى هذا يقول سبحانه وتعالى:«شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ»(١٣: الشورى) وفى قوله تعالى: «وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ» إشارة إلى ما وقع بين أصحاب الكتب السماوية من خلاف، وأنه خلاف لم يقم على عقل، ولم يستند إلى منطق، لأن الكتب التي يختلفون فيها تجىء من مصدر واحد، وتتجه نحو غاية واحدة، فيلتقى بعضها ببعض، ويصدّق بعضها بعضا، فكيف يقع بينها خلاف أو يدور عليها اختلاف؟ وكيف يؤمن الإنسان ببعض الشيء ثم يكفر ببعضه الآخر؟ إن ذلك لم يكن إلا عن بغى وعدوان بين أصحاب هذه الكتب.. فاختلاف من اختلف من أهل الكتاب، وزيغ من زاغ منهم، إنما هو عن علم، وذلك هو البغي على الحق، والعدوان على العقل! وقوله تعالى:«وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ» تهديد لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، ونذير لهم إذا اختلفوا، وكفّر