هذا القرآن الذي بين يديه وحيا من ربه.. فهو- صلوات الله وسلامه عليه- لم يكن حاضرا مناداة الحق سبحانه وتعالى لموسى وهو بجانب الطور، حتى ينقل إلى الناس هذا الحديث الذي يحدثهم به، ويقصه عليهم من أمر موسى..
ولكن هذا الذي بين يديه هو رحمة من الله سبحانه وتعالى إلى هؤلاء المشركين، الذين بعثه الله نبيا فيهم، إذ لم يأتهم رسول من قبله، كما أتى غيرهم من الأمم..
فليذكروا هذه النعمة، وليأخذوا حظهمم منها، وليكن لهم فيها موعظة وذكرى..
أي أنه لولا أن يكون لهؤلاء المشركين علة يتعللون بها في عدم إيمانهم بالله واليوم الآخر، وهو أن الله سبحانه لم يبعث فيهم رسولا، ولم يدعهم إليه على يد رسول منهم كما فعل ذلك بغيرهم من الأمم، كاليهود، والنصارى- لولا هذا ما أرسل الله إليهم رسولا، إذ كان مع كل منهم فطرة مؤمنة.. ومن وراء هذه الفطرة عقل، هو الرسول الذي يفتح مغالق الإيمان فيها.. ولكن رحمة الله اقتضت أن يبعث في الناس رسولا منهم يوقظ عقولهم، وينبه فطرتهم..
وبذلك لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل..
فما حجة هؤلاء المشركين بعد هذا وقد جاءهم رسول الله؟ وما العلة التي يتعللون بها في شركهم بالله، وكفرهم باليوم الآخر؟ إنه لا شىء إلا الكبر والعناد، وإلا الغفلة والهوى!.