بقوله تعالى في مطلع الآيات السابقة:«وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ»(الآية: ٦٢) .. وبهذا يكون ما بين هاتين الآيتين واقعا في حيز التهديد للمشركين، وسؤالهم يوم القيامة عن آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.. وهو سؤال تعجيز، يراد به وضعهم موضع الاتهام، وما يلقون فيه من تعنيف وتأنيب..
وفي تصدير الآيات بهذا السؤال التعجيزي، ثم ختامها به- فى هذا ما يشير إلى أهمية هذه القضية، التي جاءت الآيات للفصل فيها، وهي قضية التوحيد بالله! قوله تعالى:
«وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ» نزعنا: أي أخرجنا من كل أمة شهيدا، وهو الرسول المرسل إليهم..
كما يقول سبحانه:«فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً»«٤١: النساء» .
- وقوله تعالى:«فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ» أي هاتوا حجتكم، ودليكم على دينكم الذي تدينون به..
- وقوله تعالى:«فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ» - أي فجاء كل إنسان ببرهانه وحجته، على دينه الذي يدين به، والإله الذي يعبده،:
وهنا ظهر الحق، وزهق الباطل.. فأما من كانوا يعبدون الله، ويؤمنون برسل الله وكتبه، فقد جاءوا بالبرهان المبين، على أنهم على الدين الحق، فقبلهم الله سبحانه في ملكوته، وتقبل أعمالهم الطيبة، وتجاوز عن سيئاتهم. وأما من كانوا يعبدون غير الله، فقد ضل عنهم آلهتهم، وتركوهم ليلقوا مصيرهم الشئوم