«إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ» .
مناسبة قصة قارون هنا، هى أن الآيات السابقة كانت تعرض مواقف المشركين من رسول الله، ومن الكتاب الذي بين يديه، وقد جمعت بينهم وبين فرعون، وجعلت منه ومنهم جبهة واحدة، تمثل الكفر، والعناد، والعتوّ، والفساد في الأرض..
وقصة «قارون» تطلع على هؤلاء المشركين من الماضي البعيد بصورة يرون في بيئتهم من يمشى بينهم في إهابها، وكأنما هو «قارون» بعث من قبره! وذلك فيمن كان يعيش في مجتمعهم من أغنياء اليهود، مثل حيى بن أحطب وغيره..
فالمشركون في صورتهم العامة، فراعين، فى عتوهم وضلالهم، تتحرك فى كيانهم أجسام غريبة، من اليهود، الذين جمعوا أموالا كثيرة، بأساليب لا يحسنها غيرهم.. وبهذا تكتمل المشابهة بين مجتمع المشركين، ومجتمع فرعون.. فكلا المجتمعين يتشكل من عنصر أصيل، وعنصر دخيل عليه..
وفي العنصر الأصيل كبر، وعناد، واستعلاء، وفي العنصر الدخيل انحلال، وفساد، وعفن.. وكلا المجتمعين، بعنصريه- الأصيل والدخيل- حرب على الحق والخير..