مع الرسول في الدنيا، ويلقى الله به في الآخرة، حيث يجىء ومعه المحصول الوفير، من مغارس الإيمان التي غرسها القرآن في الأرض، فكان منها هذه الأمة المسلمة، التي تأخذ مكانها في المحشر، وقد رفع على رأسها علم التوحيد! وفي هذا يقول الله تعالى:«يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ»(٧١: الإسراء) ويقول سبحانه: «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً»(٤١: النساء) .
- وقوله تعالى:«قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» - هو إلفات إلى هذا القرآن الذي فرض على الرسول، وهو الهدى، الذي من اتبعه اهتدى ورشد، ومن خالفه ضل وغوى..
أي أن هذا القرآن الذي فرضه الله عليك- أيها النبي- لم يكن عن أمنية تمنيتها، ولا عن سعى سعيت له.. فذلك مما لا يحصل بالسعي، ولا يستدعى بالأمانى.. وإنما هو رحمة خالصة من عند الله، يختص بها من يشاء من عباده، ويضعها حسب ما يقضى به علمه في خلقه:«اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ»(١٢٤: الأنعام) .
وقوله تعالى:«إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» هو بدل من «أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ» وهو في تأويل مصدر مفعول به لترجو.. والمعنى: ما كنت ترجو كتابا يلقى إليك من ربك، ولكن كنت نرجو رحمة منه.. وها قد جاءتك الرحمة عامة شاملة من ربك في اصطفائك للرسالة، ولكتابها الكريم..