للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا فوق أنه تحذير للنبيّ من أن تغلبه عاطفة الحرص على أهله أن يصيبهم سوء من أجل انتصارهم لعصبيتهم فيه- هو تثبيت لقلب النبيّ، وترسيخ لقدمه فى القيام على دعوته، وألا يلفته شىء عنها.. فلتذهب الدنيا كلها، ولتبق راية الحقّ قائمة في يده.

- وفي قوله تعالى: «وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» دعوة إلى قطع كل رابطة من قرابة أو نسب، وإلى التضحية بكل عاطفة بينه وبين أهله، إذا كان في ذلك جور على دعوته، وتحيّف على شىء من عزمه وإرادته في القيام بتبليغها، والجهاد بها. فهو في تلك الحال ليس من أهله هؤلاء المشركين.. إن أهله وقرابته هم المؤمنون: «إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (٩١: النمل) فالمؤمنون هم أهل الرسول، وهم قرابته.

قوله تعالى:

«وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ.. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» .

بهذه الآية تختم سورة «القصص» .. وهي تعزل النبيّ عزلا تاما عن قومه المشركين، الذين يدعون مع الله آلهة أخرى.. فهو على طريق، وهم على طريق.. هو له دينه، وهم لهم دينهم، فلا جاممة تجمع بينه وبينهم إن لم يجمعهم الاجتماع على دين الله، وعلى إخلاص العبودية له وحده، لا إله إلا هو..

فإذا سلم للمرء دينه، وخسر كل شىء، فهو الذي ربح كل شىء ولم يخسر شيئا.. لأن كلّ شىء هالك وإلى زوال، ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام..

<<  <  ج: ص:  >  >>