ونسى هؤلاء القوم أن نعم الله ونقمه إنما هى بيد مالك الملك، الحكم العدل، وأن الحسد لنعمة يلبسها الله عبدا من عباده، أو الشماتة فى نقمه ينزلها على عبد من عباده كذلك- هو اعتراض على الله، ومشاركة له فى تدبيره وتقديره.
أما طريق المؤمنين فهو قائم على التسليم لحكم الله، والرضا بقضاء الله «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» وفى قوله تعالى «بِيَدِكَ الْخَيْرُ» إشارة إلى أن كل ما يأتى من عند الله هو خير، وإن بدا لنا فى صورة الشر الخالص..
«وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»(٢١٦: البقرة) وفى قوله تعالى: «تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ» استعراض لقدرة الله، وعجائب تصريفه فى ملكه، إذ يؤلّف بين المتناقضات.. يولج الليل فى النهار، ويولج النّهار فى الليل، ويستخرج من الشيء نقيضه، فيخرج الحىّ من الميت ويخرج الميت من الحىّ.. وذلك من تمام القدرة، التي لا تكون إلا لله رب العالمين.
وفى الآية إشارة إلى ما فى الآية التي قبلها من قوله تعالى «بِيَدِكَ الْخَيْرُ» وأنه سبحانه قادر على أن يجعل من الخير شرا، ومن الشر خيرا..