للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالها لهم، وماذا يكون ردّهم على دعوته التي يدعوهم إليها؟

لقد قالوا أسوأ القول، وردوا أفحش الردّ.. قالوا إنه ساحر، وقالوا إنه مجنون، وقالوا إنه كاذب مفتر.. وقالوا: «نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ» ..

«٣٠: الطور» وقالوا: اعتزلوه وأهله.. وقالوا اقتلوه ضربة رجل واحد، فيذهب دمه في قبائلكم بددا..!

فماذا كانت خاتمة هذا الصراع؟ لقد أنجاه الله منهم وخلصه من كيدهم، وأطفأ لهيب هذه الأفواه التي كانت ترمى بالشرر من نار العداوة البغضاء.. تماما كما نجى الله إبراهيم من النار، وجعلها بردا وسلاما عليه.. «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» يراها ذوو العقول الرشيدة، ويشهدها أصحاب البصائر المبصرة، فى تلك القوى الغيبية التي تطلع من حيث لا يراها أحد، فتحيل الضعف قوة والقوة ضعفا، وتجعل النار بردا وسلاما! قوله تعالى:

«وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ» هذه هي قوله الحق، ينطق بها إبراهيم، وينطق بها محمد، وينطق بها الوجود كله، ردّا على هذا الرد السفيه الأحمق، الذي ردّ به هؤلاء السفهاء الحمقى، على ما دعوا إليه من حق وهدى وخير..

- وفي قوله: «إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً» تقرير لأمر واقع.. فهم إنما اتخذوا فعلا أوثانا، يعبدونها من دون الله.. ولكنّ في إعلامهم بها، وكشف وجوهها لهم، تسفيها لهم، ووضعا لجسم الجريمة بين أيديهم، تماما كما يوقف

<<  <  ج: ص:  >  >>