للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى، من عظمة، وجلال، وعلم، وقدرة.. حتى يخرج من هذا التراب الهامد، هذا الإنسان العاقل، المدرك، المتكلم! وبهذا يعلم الإنسان أن هذا الوجود في أرضه وسمائه، وفيما بين أرضه وسمائه- لم يخلق إلا بالحق، ولم يخلق لهوا وعبثا ... وأن كل مخلوق في هذا الوجود هو بعض منه، وأنه لن تنتقض لبنة من بناء هذا الوجود أبدا.. فكل كائن فيه- وإن صغر- دوره الذي يقوم به في وحدة هذا النظام الممسك بالوجود، وله فلكه الذي يدور فيه، كما تدور النجوم في أفلاكها ... تشرق، وتغرب.. ولكنها لا تفنى، ولا تندثر! والإنسان كائن من الكائنات ذات الشأن العظيم في هذا الوجود، فكيف يقع لعقل عاقل أن تنتهى حياة هذا الإنسان بتلك الدورة القصيرة التي يدورها في فلك الوجود، والتي هى سنوات معدودة يقضيها في هذه الدنيا؟ ألهذا خلق الإنسان؟ ولهذا كان خلقه على تلك الصورة العجيبة التي استحق بها أن يكون خليفة لله في هذه الأرض؟.

كلا، إن الإنسان لن تنتهى حياته بهذه الدورة القصيرة على الكوكب الأرضى، وإن له لحياة أخرى، أعظم، وأبقى ... ولكن كثيرا من الناس بلقاء ربهم كافرون.. لا يصدقون بأنهم مبعوثون بعد الموت، وأنهم ملاقون ربهم، يوم يقوم الناس لرب العالمين ...

قوله تعالى:

«أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>