عنه، فى هذا المال الذي أعطاه الله، وليس للخليفة أن يخرج عن أمر من استخلفه، وما كان للوكيل أن يذهب مذهبا غير الذي رسمه له موكّله.
وأما الثاني، الذي يرى أن المال الذي معه، هو من جمعه، وكده، فإنه يتصرف في هذا المال تصرف المستبدّ بما يملك ملكا خالصا، لا يرى لأحد شيئا معه.. كذلك فعل قارون، وكان جوابه على من دعاه أن يبتغى بما آتاه الله الدار الآخرة، أن قال:«إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي!»(٧٨: القصص) وقوله تعالى: «ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ» - الإشارة هنا إلى البذل والإنفاق، على ذوى القربى والمساكين وابن السبيل.. أي هذا الإنفاق فى هذا الوجه، هو خير مدخر، للذين يريدون بما أنفقوا وجه الله، ويبتغون مرضاته، بامتثال أمره، وهؤلاء هم المؤمنون بالله.. أما غير المؤمنين، فإنهم إذا أنفقوا في هذا الوجه، فلا ينالون بما أنفقوا خيرا، لأنهم لم ينفقوا ما أنفقوا وهم ناظرون إلى الله، مؤمنون به، ممتثلون أمره، وإنما أنفقوا ما أنفقوا إرضاء لنزعات نفوسهم، ووساوس خواطرهم..
وقوله تعالى:«وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» - الإشارة للمنفقين المؤمنين، الذين يريدون بما أنفقوا وجه الله، فهؤلاء يتقبل الله سبحانه وتعالى منهم ما أنفقوا، ويضاعف لهم الجزاء الطيب عليه.. كما يقول سبحانه:«إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ»(٢٧: المائدة) وكما يقول جل شأنه: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ»(٢٦: يونس) وكما يقول سبحانه: «وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ»(٣٧: سبأ) .