للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية هنا، إنما تنبه إلى الأعمال السيئة، التي من شأنها، الإفساد في الأرض، والتي كان من شأن الإنسان العاقل أن يتجنبها، ويعمل ما هو خير، وما هو حسن ...

وفي قوله «لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا» إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى- فضلا منه وكرما وإحسانا- لم يجز الناس بكل ما عملوا من شر، بل ببعض ما كسبوا منه، حتى يكون، لهم من ذلك زاجر يزجرهم، وأدب سماوى يأخذون منه العبرة والعظة، وليرجعوا إلى الله من قريب، ويستقيموا على طريق الخير والإحسان ...

ولو آخذ الله الناس بما كسبوا، لأهلكهم جميعا، بل وأهلك معهم كل دابة تدب على ظهر الأرض، وفي هذا يقول سبحانه: «وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ» (٤٥: فاطر) وإنه ليكفى أن يدين بعض الناس بغير دين الله، وأن يتخذوا من دونه أولياء، وأن يدعوا له ولدا، أو شريكا.. فذلك ذنب عظيم: «تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا» (٩٠: مريم) .

قوله تعالى:

«قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ» .

هو تهديد للمشركين من قريش، وأن مصيرهم، هو مصير المشركين من قبلهم، وما أخذهم الله به من عذاب، وما أرسل عليهم من مهلكات.

وفي قوله تعالى: «كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ» - إشارة إلى أن الذين ورد عليهم الهلاك في الأمم السابقة كان يغلب عليهم الشرك والضلال،

<<  <  ج: ص:  >  >>