الجبال، وإلقاؤها: نزولها من أعلى، وأخذها مكانا بارزا فوق الأرض، كما يقول تعالى:«وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها»(١٠: فصلت) ..
والميد، والميدان: الاضطراب..
فكما أن السماء تقوم على عمد غير مرئية، تقوم الأرض كذلك مرتكزة على عمد مرئية هى الجبال.. ولولا ذلك لاضطربت الأرض، وزالت عن مكانها، وضاعت معالمها.. وفي هذا إشارة إلى أن السموات محمولة على أعمدة من قدرة الله، لا تراها الأبصار، وإنما تعرفها البصائر.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا»(٤١: فاطر) .
والمراد بالسماوات، هو العالم العلوىّ، الذي يقوم فوق عالمنا الأرضى..
فحيث كان الإنسان من الأرض، فهو واقع تحت العالم العلوىّ.. وفي هذا العالم كواكب ونجوم، لو اقتربت من الأرض، أو اقتربت منها الأرض، لما كانت الأرض إلا نملة في ظلّة من الجبال، قائمة بلا عمد! .. هذا ما تراه عين العلم الحديث فيما بين السماء والأرض.. فإذا حجبت عن العيون هذه الرؤية الكاشفة، فإنها ترى السماء قائمة على الأرض، كأنها السقف المرفوع.
فى العدول من الغيبة في قوله تعالى «خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها» إلى الخطاب في قوله تعالى: «وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ» .. فى هذا استدعاء للجاحدين الكافرين أن يشهدوا جلال الله، وأن يروا آياته في هذه الظاهرة التي تطلع عليهم في كل حين، وأنهم إذا كانوا يجدون وجها للمحاولة في خلق السموات والأرض، وأن يقولوا: هكذا قامت السموات والأرض من غير مقيم لهما، فإنهم لا يجدون ما يقولون في إنزال الماء من السماء، وفي إخراج النبات من الأرض.. إن ذلك خلق متجدد يحدث كل لحظة من لحظات الزمن.. فإذا سألوا من أنزل هذا الماء؟ أو من أخرج