اختلف في «لقمان» هذا، اختلافا تناول الزمان والمكان اللذين عاش فيهما، كما تناول الصفة التي كان عليها، وهل كان نبيا، أم كان حكيما؟
وهل هو من بنى إسرائيل، أم من غير بنى إسرائيل؟.
والقرآن الكريم، لم يصرح بأنه كان رسولا، ولم يذكره فيما ذكر من أنبياء ورسل، ولم يصله بنسب إلى إبراهيم، كما وصل أنبياء بنى إسرائيل به..
ومع هذا، فإن ذلك لا يمنع من أن يكون لقمان نبيا، فقد آتاه الله الحكمة، وهى نعمة عظيمة حلّى الله تعالى بها أنبياءه، فقال تعالى في داود عليه السلام:«وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ»(٢٥١: البقرة) .
وقال تعالى في شأن الحكمة، وجلال قدرها:«يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً»(٢٦٩: البقرة) .
ومما يرجّح الرأى عندنا بأن لقمان كان نبيا، أن القرآن الكريم سمى سورة باسمه، كما سمى سورا باسم إبراهيم، ومحمد، ويونس، وهود، ويوسف، ومريم.. وهذه التسمية تشير إلى ما للمسمى من شأن وقدر، سواء في مقام الخير أو في مجال الشر.. كما سميت سورة باسم أبى لهب، إذ كان علما بارزا من أعلام الضلال والكفر.. فهو في مجتمع الضلال إمام الضالين، كما أن النبي فى مجتمع المؤمنين، هو إمام المؤمنين..
ثم إن الحكمة التي أوتيها لقمان، حكمة ربانية، وليست من الحكم المكتسبة، التي يحصلها الحكماء والفلاسفة، بالبحث والنظر، وإنما هى فضل من فضل الله، كالرسالة، والنبوة. اللذين لا تكتسبان بتحصيل واجتهاد..