فهنا- فى هذا المعرض- نشهد تلك الحركة الدائبة التي يدور في فلكها الليل والنهار، على هذا النظام الدقيق البديع، الذي لا يتوقف لحظة، ولا ينحرف قيد أنملة.
وولوج الليل في النهار، مغيبه فيه، ودخوله في كيانه، وكذلك ولوج النهار فى الليل، هو مغيبه في الليل، وتواريه في داخله..
ومن هذه الصورة نرى الظلام مستكنّا في أحشاء النور:«يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ» ثم نرى النور مطويّا في كيان الظلام: «وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ» ..
فمن أحشاء النور يخرج الظلام، ومن أحشاء الظلام يولد النور.. وهذا من دلائل القدرة القادرة، التي تؤلّف بين الأضداد.. «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ.. ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟»(٩٥: الأنعام) .
ومن آياته سبحانه، أنه سخر الشمس والقمر، وأجراهما على هذا النظام المحكم، فجعل الشمس ضياء والقمر نورا، فتتجلّى آية الشمس في النهار، ونتجلى آية القمر في الليل:«تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً»(٦١: الفرقان) .. ولكلّ من الشمس والقمر فلكها الذي تدور فيه، من غير أن ينحرف أىّ منها عن مداره:«لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ»(٤٠: يس) .
وقوله تعالى:«إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» . الأجل المسمى، هو الزمن المحدد لدورة كلّ من الشمس والقمر، أو هو الأمد المحدد لهما الجريان فيه، ثم إذا انتهى هذا الأمد توقّفا، أو أخذا اتجاها آخر.. شأنهما في هذا شأن كل مخلوق..