وهذا الميثاق، يمكن أن يكون قد أخذ على الأنبياء في عالم الأرواح، فشهدوه جميعا.. كما يمكن أن يكون قد أخذ على كل واحد منهم على حدة، حين اختاره الله للنبوة..
وفي قوله تعالى:«مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ» هو وصف كاشف للنبى الذي يصدقه الأنبياء وينصرونه، وهو أن يكون نبيا حقا، لا دعيّا.. فما أكثر أولئك الذين يدّعون النبوة.. وآية صدق النبي أن يكون طريقه طريق النبوة، التي لا طريق لها إلا الدعوة إلى الإيمان بالله، وإفراده سبحانه بالألوهة، ومحاربة الشرك الظاهر والخفي، فى كل صوره وأشكاله، مع معجزة متحدية تكون بين يديه.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها، ما قد رأيت..
أما مناسبتها لما بعدها، فإن الآيات التي تأتى بعد هذا ستذكر غزوة الأحزاب، التي اجتمع فيها اليهود مع أهل مكة على حرب النبي.. وأنه إذا كان المشركين أن يحاربوا النبي: فإنه ما كان لليهود- وهم أهل كتاب، وأتباع نبى من أنبياء الله- أن ينحازوا إلى جبهة الشرك، وأن يكونوا معهم حربا على المؤمنين.. إن الحق يقتضيهم أن يكونوا على ولاء مع المؤمنين، إذ كان نبيهم على ولاء مع هذا النبي.. ولكنهم خرجوا على هذا الولاء الذي يطالبهم به دينهم، فكفروا بما في الكتاب الذي في أيديهم، بغيا وحسدا. وفي هذا يقول الله تعالى فيهم: «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا