للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وفي قوله تعالى: «وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا» - أي أن هذا الفرار لا يعصمكم من الموت الذي يترصدكم، ويتربص بكم الساعة التي تنتهى فيها آجالكم. «فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ» (٣٤: الأعراف) ..

قوله تعالى:

«قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً» .

إشارة إلى أنه لا وجه يفرّ إليه هؤلاء الفارون من قضاء الله فيهم.. إن ذلك الفرار سوء ظن منهم بسلطان الله وقدرته.. ولو علموا بعض ما الله من علم وقدرة وسلطان، لما تحولوا عن هذا الموقف الذي هم فيه، مقدرين أن ذلك ينجيهم من الموت، ويمد لهم في آجالهم التي يخيل إليهم أن القتال، سيختصر مقامهم في هذه الدنيا، ويحصد حياتهم قبل أوانها..

وفي قوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً» - فى هذا ما يسأل عنه، وهو: إذا صح أن الإنسان يطلب معتصما يعتصم به حال الضر والسوء.. فكيف يصح أن يطلب معتصما حين يراد به الخير والرحمة؟ وإذا صح أن يفر الإنسان من مواطن الخطر والشر، فهل يصح أن يفر من مواطن الخير والإحسان؟ .. وإذا فما تأويل قوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً» ؟.

والجواب على هذا من وجهين:

فأولا: أن الإنسان لا يملك مع أمر الله شيئا.. وأن ما يساق إليه من سوء أو رحمة، هو من عند الله.. وعلى هذا، فإنه إذا رأى بلاء الله واقعا به، وطلب

<<  <  ج: ص:  >  >>