للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا نفت المدينة خبثها.. ولبست اسما جديدا لها هو «طيبة» .. إذ قد طابت الحياة للمسلمين فيها بعد ذهاب هذا الخبث عنها..

قوله تعالى:

«وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً» هو إخبار بما كان الله من نعمة على المسلمين بعد أن أجلوا اليهود عن المدينة..

فقد ورث المسلمون ما كان للقوم من أرض، وديار وأموال.. وهذا فضل من فضل الله على المؤمنين، يجب أن يذكروه، ويشكروا لله فضله وإحسانه..

- وفي قوله تعالى: «وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها» .. إشارة إلى ما سوف يورّث الله سبحانه وتعالى المسلمين بعد هذا، من أرض لم يطئوها من قبل.. وهى تلك الأرض التي وراء حدود الجزيرة العربية، مما ستمتد إليه فتوح المسلمين، وتطلع عليه شمس الإسلام.. في مشارق الأرض ومغاربها.. وفي الحديث إلى المسلمين بالأرض التي سيرثونها، مع أن المخاطبين لم يرثوها بعد، وإنما ورثها المسلمون من بعدهم- فى هذا إشارة إلى أن المسلمين كيان واحد، وأن ما يرثه المسلمون في أي زمان ومكان، هو ميراث المسلمين جميعا.. لأن هذا الميراث ليس في حقيقته لذات أنفسهم، وإنما هو لدين الله الذي يجاهدون في سبيله..

- وفي قوله تعالى: «وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً» تطمين لقلوب المؤمنين على مستقبل الإسلام، الذي وعدهم الله بنصره وإعزازه، والتمكين له في الأرض..

فإن هذا الوعد من الله القوى العزيز، الذي بقوته وعزته يجعل من هؤلاء القلّة من المسلمين كثرة، ومن ضعفهم قوة تنهار أمامها قوى أعظم دولتين كانتا تسيطران على العالم في هذا الوقت، وهما دولتا الفرس والروم.. هذا، وفي الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>