وفي الآية إشارة إلى مقام نساء النبي، وأنهن مؤاخذات بما يعفى عنه من غيرهن.. لأنهن في موقع الهداية، وفي مطلع النور، فلا عذر لهن فيما يقوم لغيرهن من عذر.. ومن هنا كانت صغائرهن كبائر.. ومن هنا قيل:«سيئات المقربين حسنات الأبرار» .
ومضاعفة العذاب ضعفين، ليس ظلما في هذا الوضع، بل هو الجزاء المناسب للذنب، المقدور بقدره.. وإنما هو مضاعف بالنسبة لغيرهن، ممن ليس لهن هذا الوضع الذي هن فيه.. فعذاب غيرهن مراعى فيه التخفيف، فهو دون ما يستحقه الذنب، إذ كان مع غيرهن أكثر من عذر.. من جهل، أو غفلة، ونحو هذا، أما هن فلا عذر لهن..
وقد يبدو أن هذا التحذير لنساء النبي، يمكن أن يلزم منه، وقوع إتيان الفاحشة المبينة من بعضهن، كما يرى ذلك بعض المفسرين.. وهذا غير مراد من الآية الكريمة، وإنما المراد هو الإشارة إلى هذا المقام الكريم الذي لهن عند الله، وعند المؤمنين.. وأن لهن مكانا خاصا، وحسابا خاصا..
وذلك مثل قوله تعالى للنبى الكريم:«لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ»(٦٥: الزمر) . وقوله تعالى:«وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» .. (١١٦: الأنعام) وهذا ما لا يكون من النبي أبدا، كذلك لا يكون من زوجان أن يأتين بفاحشة أبدا، وهنّ في حمى النبوّة، وفي حراسة السماء التي تظل بيت النبىّ..