برسول الله ... سيد الناس، وأكملهم كمالا، وأجمعهم جميعا لمكارم الأخلاق كلها في أعلى مستواها، وأرفع منازلها؟
مستحيل إذن استحالة مطلقة، أن يكون شىء من هذا طاف برسول الله، أو ألمّ به في أي حال من أحواله، أو عرض له في خطرة نفس، أو طرفة خاطر! وننظر الآن في هذا الطلاق، وكيف وقع! إن الزواج الذي تمّ بين زينب وزيد، كان- كما قلنا- من عمل النبي، بأمر من ربه.. وهو زواج قام من أول الأمر على غير توافق، أو تكافؤ..
والنبي- صلوات الله وسلامه عليه- إذ قام بهذا الزواج بعلم هذا، والسماء تعلم هذا قبل أن يعلم النبي..
والسؤال هنا: لماذا إذن هذا الزواج؟ وما حكمته؟
إنه زواج، يجرى في ظاهره، وعلى مستوى النظر البشرى- على ما يجرى عليه كثير من حالات الزواج، التي تعرض لها عوارض الشقاق والخلاف، ثم الطلاق، وذلك بعد أن يتم الزواج، ويعايش الزوجان كل منهما الآخر..
أما قبل الزواج، فلم يكن أحد يدرى ما سيقع من خلاف، وطلاق، إلا رسول الله- صلوات الله وسلامه عليه- مما أنبأ به ربه، لأمر أراده الله سبحانه، ولم يقع بعد..
فلما تم زواج زيد وزينب، وعاشر كل منهما صاحبه، وظهرت أعراض الخلاف بين الزوجين، وشقى كلّ منهما بصاحبه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الزوجين إلى إصلاح ما فسد من أمرهما، متجاهلا، الحكم المقضى به في أمر هذا الزواج، وهو الفراق الذي لا بد منه، وغير ملتفت إلى القدر المقدور على هذا الزواج، كما علم من ربه.!!