أمر يعلم- مما أعلمه ربه- أنه مقضىّ فيه.. كما يقول الله تعالى في ختام الآية:
«وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» .. فليتق النبي الله في نفسه وليرفق بها، ولا يحاول إصلاح أمر، لن يصلح.
ورابعا: قوله تعالى: «وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ» - إشارة إلى ما كان يخفيه النبي من أمر الله في هذا لزواج، وأنه منته إلى الفراق.. فقد أخفى النبي هذا الذي علمه من ربه، ولكن الله سبحانه وتعالى سيبديه في حينه، وذلك حين يقع القدر المقدور، ويتمّ الطلاق..
وخامسا: قوله تعالى: «وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ» .. وإنّ الذي كان يخشاه النبي، هو ما يعقب هذا الطلاق، وهو أن يتزوج مطلقة متبناه، وما يتقوّله المنافقون ومن في قلوبهم مرض في هذا الزواج.. إنه امتحان للنبى فيما امتحن به على مسيرة الدعوة التي قام عليها، فليصبر على هذا الامتحان به وليحتمل ما يجىء إليه من أذى، فى سبيل إنفاذ أمر الله، وإمضاء مشيئته، دون التفات إلى تخرصات المتخرصين، وشناعات المشنعين.
ولا ندع النظر في أمر «الطلاق» الذي وقع هنا، دون أن نشير إلى أنه لم يدخل على حياة زوجية كانت قائمة على أسس متينة من أول أمرها، بل إنه دخل على حياة زوجية- وهذا من تدبير السماء- كانت تحمل في كيانها دواعى الفرقة، لأمر أراده الله.. وفي هذا ما يشير إلى حرص الإسلام على سلامة الحياة الزوجية السليمة.. وأنه حين أراد أن يتخذ من الطلاق حكما شرعيا، عمد إلى حياة زوجية، لم يجتمع لها شمل، ولم تنعقد عليها القلوب!