فهذا الإخبار بحلّ الأزواج، إنما هو تأكيد لحلّهن، ووصف كاشف للحال التي هن عليها، ومنهن زينب مطلقة متبنىّ النبىّ.. وفي هذا ردّ على الكافرين والمنافقين، الذين جعلوا زواج النبىّ من مطلقة متبناه مادة للغمز والاتهام.. وكان الردّ إفحاما للكافرين والمنافقين، وكبتا لهم، إذ قد جاء قول الله تعالى:«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ» داعيا النبىّ إلى ألا يشغل نفسه بمقولات المبطلين، وأن يتمتع بما أحلّ له من طيبات، فهو من قبيل قوله تعالى «فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً»(٤: النساء) .
ثم إنه لكى يزداد أهل الضلال والنفاق غمّا إلى غمّ، ذكر الله سبحانه وتعالى فى هذا المقام، ما اختص به نبيه الكريم، مما لم يكن لغيره من المسلمين، من سعة في الحياة الزوجية..
فأولا: كان في يد النبىّ من النساء اللاتي تزوجهن بمهر، عند نزول هذه الآية تسع نسوة.. ونصاب المسلم لا يتجاوز أربعة.
وثانيا: جاء في قوله تعالى: «وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ» من بيان لصنف آخر من النساء، أبيح للنبىّ التمتع بهن، وهن من يملكه النبىّ منهن من الفيء والغنائم، وهذ حكم عام للمسلمين جميعا.. على أن للنبىّ من الغنائم ما يصطفيه من السّبى، قبل قسمة الفيء.. وهذا من خصوصيات النبىّ هنا.
وثالثا: جاء بعد ذلك قوله تعالى: «وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ» مشيرا إلى صنف ثالث أبيح للنبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- التزوج به، وهن بنات العم وبنات العمات. وبنات الخال وبنات الخالات.. اللاتي هاجرن، مع المهاجرين فرارا بدينهن، وإيثارا لله ورسوله.. فهؤلاء المهاجرات هن ممن أبيح للنبى التزوج بهن، إلى أزواجه التسع اللاتي كن معه..