هذا، ويلاحظ أنه لم يبح لنساء النبي لقاء محارمهن على إطلاقه، بل وقف به عند الآباء، والإخوة، وأبناء الإخوة وأبناء الأخوات، دون الأعمام، والأخوال، وذلك للتخفيف من الضغط على بيت النبي، بالإقلال من الذين يطرقونه، ويغشونه.. فلو أنه قد فتح بيت النبي لذوى القرابات من محارم نسائه، لما خلا من زائر، رغبة في لقاء النبي وإرواء لظمأ النفوس المتعطشة إلى لقائه في خلواته.. الأمر الذي لا يتيح للنبى فرصة للراحة والكن..
هذه هى الحراسة التي أقامها الله على بيت النبي، وهى حراسة تتيح له- صلوات الله وسلامه عليه- شيئا من الراحة النفسية والجسدية، هو- صلوات الله وسلامه عليه- أشد ما يكون حاجة إليهما في هذا الجهاد المتصل، نهارا مع المسلمين، وليلا مع ذكر الله..
وفي الآيات، ما يحتاج إلى بعض الإيضاح..
ففى قوله تعالى:«وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ» - إشارة إلى ما يدعو الذين يدخلون بيوت النبي إلى إطالة المكث فيها، وهو الأنس بالرسول، والمتعة الروحية بالحديث إليه.. وهذا وإن كان مما يستحب من المسلم، ويحبّ له، إلا أن هذا ليس مكانه.. حيث جعلت البيوت للسكن والراحة.. والرسول- صلوات الله وسلامه عليه- بشر يحتاج إلى الراحة، والهدوء، والانفراد بالنفس..
وفي قوله تعالى:«إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ» - إشارة إلى ما كان يجده النبي- صلوات الله وسلامه عليه- من أذى وتضرر، فى تزاحم المسلمين على بيته، وطول مكثهم فيه.. وهو- صلوات الله وسلامه عليه- يحتمل هذا صابرا، ويمنعه الحياء النبوي أن يظهر ضيقا أو ضجرا..
وفي قوله تعالى:«وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ» - إعلام من الله سبحانه