«ملاك الربّ» ، ظهر ليوسف (زوج مريم) فى حلم، قائلا: خذ الصبى وأمّه واهرب إلى مصر، وكن هناك، حتى أقول لك، لأن «هيرودس»(ملك اليهوديّة) مزمع أن يطلب الصبىّ ليهلكه، فقام وأخذ الصبىّ وأمه ليلا وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة «هيرودس»(متى: ٢: ١٣- ١٥) وهذا الخبر لم تذكره الأناجيل الثلاثة، ولم تشر إليه أية إشارة! فكيف كان الحال، لو ألغى إنجيل متى كما ألغيت عشرات الأناجيل، وكتب عليها أن تختفى إلى الأبد؟
وننتهى من هذا إلى القول بأن ما ذكره القرآن من كلام المسيح فى «المهد» هو الحق الذي لا شك فيه، وأن خلوّ الأناجيل من ذكر هذا الحدث، لا يجعل لها حجة على القرآن فى هذا المقام، خاصة وقد أغفل معظمها أحداثا تتعلق بالمسيح، ولا تقل شأنا عما ذكره القرآن عن كلامه فى المهد! إن القرآن قد أخبر بأن المسيح تكلم فى المهد، وهذا الخبر، هو معجزة متحدّية، إذ ينكره من هم أشد الناس حرصا على وقوعه، ليكون لهم منه حجة تقوّى معتقدهم فى ألوهيته المسيح، وفى خروجه عن طبيعة البشر! إن ذلك عند المؤمنين بالقرآن معجزة متحدية، وهو عند غير المؤمنين، دعوى ينقصها الدليل والبرهان، أو فرية يردّدها أصحاب الأهواء والبدع! فهذه منازل ثلاث، فى القول بأن المسيح تكلم فى المهد.
والناس على منازلهم تلك.. إلى أن يأتى أمر الله، فيكشف وجه الحق، ويومئذ تبيضّ وجوه، وتسودّ وجوه!! بقيت كلمة لا بد منها..
وهى أنه قد يقع لفهم بعض الناس من قولنا إن فى الأناجيل اختلافا،