للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائر الذي يتزيا به نساء النبي وبناته ونساء المؤمنين، هو معلم من معالم المرأة الحرّة العفيفة التي لا مطمع لأحد فيها.

وفي قوله تعالى: «أَدْنى» .. إشارة إلى أن هذا الزىّ ليس وحده بالذي بقي الحرائر والعفيفات من ألسنة أهل الفجور والفسق، ولكنه- على أي حال- وقاء يجمّل الحرّة ويزيّن العفيفة، ويضفى على طهرها طهرا، وعلى عفتها جلالا وعفة، فهو وإن لم يكن الكمال كلّه، فهو من سمات الكمال، وإن لم يكن العفة كلّها، فهو مظهر من مظاهرها.

فستر الظاهر وتجميله، مطلوب، أيّا كان الباطن وما يختفى وراءه مما تنطوى عليه الصدور، وتسرّه السرائر.. فإن كان الباطن سيئا كريها، فالأولى بصاحبه أن يستره، ويجمّله بهذا الستر الذي يلقيه عليه من المداراة، والتحفظ.. وإن كان الباطن طيبا كريما، كان تهتّك الظاهر إزراء بقدره، وعدوانا على جلاله وبهائه..

روى أن عابدين من عبّاد البصرة، أحدهما أعور، والآخر أعرج..

تقابلا، فقال الأعرج للأعور:

هل لك في أن تكسب أجرا؟

فأجابه صاحبه: وما ذاك؟

قال: نتماشى معا، فيرانا الناس، فيقولون: أعور وأعرج.. فنؤجر ويأثمون!! فرد عليه صاحبه: وهل لك في خير من ذلك؟

قال: ماذا؟

قال: لا نفعل.. فنسلم ويسلمون!» إن الغنيمة حقّا، هى في أن يسلم الإنسان من النّاس.. وذلك بألا يمكنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>